يختلف معنى مخطط نموذج العمل التجاري بشكل كبير عبر الزمن بسبب التغيرات التي تحدث في الاقتصادات والتكنولوجيا. وتحول ســوق العمل إلى ميدان منافســـة لا يمكن لذوي الإمكانات الضعيفة البقاء فيه طويلاً. وظهور الشركات الناشئة التي وسعت المعنى التقليدي للتخطيط، بحيث كانت الإدارات تسعى نحو تطوير ما يوجد من أقسام من حيث المساحة وكمية الإنتاج والكفاءات وغيرها … بينما إنشاء شــركات جديدة كان من الصعب البت في أمرها على مستوى آليات العمل القديمة بالرغم من وجود الخبرات والكفاءات في الإدارة. وقد كانت الأسواق الإلكترونية من أهم تلك الشركات. حيث تقدم خدمات وسلع من خلال الأنترنت الذي يتخلف معظم الدول عن ماهيته وطريقة استعماله لتحقيق الأهداف المرجوة. وقد نعرّف مخطط نموذج العمل التجاري على أنه مرآة تعكس ما هو متوقع حدوثه قبل البدء بالتأسيس، وتدوين كل ما هو ممكن أن يحصل من خلال مراحل مدروسة. تشمل جميع تطورات المشروع تبدأ بثلاثة أسئلة مهمة:

ما الذي يجب أن نقدمه ولمن؟

عند التفكير في إنشاء مشروع لا بد من تقديم قيمة للعميل المحتمل مقابل المال الذي سيدفعه، وتحديد الفئة المستهدفة من العملاء. فعلى سبيل المثال الأغنياء يفضلون الجودة على السعر، أو متوســـطين الدخل يريدون قيمة مقابل السعر. أما متعثرين يفضلون السعر المنخفض على الجودة. ويمكن اســتهداف شركات أخرى أو قنوات توزيع تزامناً مع الإعلانات والتســـويق المتطور للتعريف بالمنتج. ومن ثم البحث عن أفكار جديدة لتكون ذات منافسة أقل، وربما تكون الوحيدة في السوق. ويمكن التميز بالأداء المختلف عن باقي المنتجات المتشــــــابهة أو التصنيف بحيث يمكن للعميل تحديد مواصفات منتجه بنفســـه من لون وحجم تعبئة أو مواد مختلفة كطلب خاص. ومن الممكن التميز وجعل المنتج مختلفاً من خلال خدمات ما بعد البيع كالتركيب والصيانة والنقل والإرجاع وما شابه …

كيف سنقوم بالتنفيذ والإدارة؟ وماذا عن الربح والخسارة؟

يجب ألا ننسى أن السعر والأمان من أهم الأمور الواجب مراعاتها من حيث القيمة المقدمة. ولا بد أن وراء أي عمل ناجح جمهور كبير من العملاء، والإنتشار بشكل واسع حتى لو اقتصر الأمر على مستوى محلي. بغض النظر عن جودة ما تقدمه المؤسسات من سلع وخدمات، نجد تناقض في قيمة العلامات التجارية. حيث يوجد علامة تجارية تقدم منتجات بجودة عادية، ولكنها تحقق أرباح طائلة وانتشار واسع وعملاء كثيرون. بينما نجد بعض المؤسسات تقدم منتجات مميزة وبأسعار منافسة ولا تلقى رواجاً! ترجع هذه المفارقة إلى الاستراتيجيات التي تتخذها المؤســسات للتعريف عن منتجاتها من سلع وخدمات وكيفية الترويج للمنتج بصورة تتناسب مع أذواق المستهدفين وأمكنة تواجدهم. وقد شهد العالم نقلة نوعية بخصوص هذا الأمر، لتحدث المفارقة بين المؤسســـات التي تتبع الطرق التقليدية للترويج والمؤسسات المتابعة لما يحدث ومواكبته. ولم يعد لتاريخ تأسيس الشركات دور كبير، وبقي الأمر للعلم والتكنولوجيا ومواكبة عجلات التقدم تزامناً مع تطور أذواق الناس بشكل سريع.

ما الفائدة من عكس الطريقة التقليدية التي تهتم بدراسة الجدوى من المشروع بحيث ربح أو خسارة وتكلفة فقط؟

بالحديث بشكل مخصص عن الإعلانات، فقد واكب الجميع عدة تطورات منذ النشأة. ففي السابق كان من الممكن قراءة بعض الإعلانات في الجرائد والمجلات. و أصبحنا نراها أثناء مشاهدة التلفاز أو الاســــتماع للراديو. ومن ثم تطور الأمر حتى بدأنا نرى كتابات على الجدران ولوحات الكرتونية تتضمن أسماء منتجات فوق أبواب المحلات التجارية. إلى أن بدأنا نرى مندوبين لشــــركات يقدمون “كوبونات” أو عينات مجانية منها دعوة لحضور افتتاح .. ومنها للتذوق ومنها للتجريب المباشر. كالأجهزة وأدوات المطبخ التي تسهل بعض العمليات. أما في وقتنا الحالي، خصوصاً عبر الشراء عن طرق المواقع الإلكترونية والمتاجر الرقمية، فنحن نتعرض لآلاف العروض والأسعار المختلفة.

حيث نكتب اسم منتج للبحث عنه لنتفاجأ أن جميع المنصات بدأت تظهر ما يخص أو ما يشبه ما بحثنا عنه سابقاً. حتى وصل الأمر إلى مجرد التحدث مع صديق بســـلعة معينة بقرب الهاتف ليتم عرض إعلان عنها أو ما يشـبهها في بعض المنصات والمواقع. ولا يقتصر الأمر على البضائع فقط .. بل وعلى الرفاهية أيضاً ! ففي يوتيوب أو إنستغرام أو فيسبوك، دائماً ما تظهر محتويات مشــــابهة لما نبحث عنه ونتابعه. وعندما نغير نســـــق البحث، يختلف عرض المنتجات بحسب ما نكتبه في محركات البحث من جديد. هذا كله يعزز ويثبت أن لمواقع التواصل وشبكة الأنترنت بشكل عام دور أكثر من مهم في وقتنا الحالي. خصوصاً أننا بدأنا نبحث عما نحتاج على شبكة الأنترنت. حتى لو كان المتجر قريب منا، لذلك وجب الاهتمام بهذا المجال وإعطائه أولوية في مجال التسويق والتجارة والتعريف عما نود تقديمه.

الكاتب ربيع خليل